بسم الله الرحمـن الرحيم
البيت السعيد 1/3
الحمد لله الملك الوهاب.
الحمد لله القائل في محكم تنزيله : "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها
و جعل بينكم مودة و رحمة"1.
الحمد لله والصلاة و السلام على أفضل زوج عرفته الإنسانية و على خير ناصح عرفه التاريخ و على أعظم رجل بل أعظم مخلوق خلقه الواحد الأحد الفرد الصمد و على الآل الأطهار و الصحب الأخيار
و الإخوان الأبرار و بعد :
أختي الكريمة : هذه نصيحة لك من أخ محب لك في الله ،نصيحة لك ممن يريد سعادتك و فلاحك هنا في الدنيا الفانية و هناك في الآخرة في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
نصيحة لك أختاه ممن يود لك النجاح و التوفيق في بيتك بل "برجك الجهادي..."
نصيحة لك مكتوبة مقروءة لما تعذر اللقاء و المجالسة.
نصيحة أرقمها الواحدة تلو الأخرى مبعثرة غير منتظمة فهي من وحي لحظة صفاء للقلب و العقل معا فالمرجو المعذرة عن سوء الترتيب و التنظيم وحتى التنسيق .
نصيحة أكتبها و أنت الأخت اللبيبة العاقلة الذكية الفطنة و عهدي بك أن تقرئي الكلمات و تقرئي أيضا ما بين الكلمات و السطور.
عشرون نصيحة أقدمها لك هدايا ثمينة وغالية ونفيسة ،فباسم الله أبدأ و عليه أتوكل وإليه أتوسل أن يصحح القصد و المنطلق ،آمين. ا 1) لدعاء :
لا تنسي أختاه الباب الذي لايغلق أبدا-بالليل و النهار، في الصبح و المساء،في المنشط و المكره- لا تنسي في سجودك و دبر كل صلاة و في وقت السحر وفي مواطن الخير والاستجابة الدعاء لشريك حياتك و لأهلك و أهله ف"الدعاء مخ العبادة"2و "الدعاء هو العبادة"3و"من لم يسأل الله يغضب عليه"4.
إن الله يقول"واذا سألك عبادي عني فإني قريب،أجيب دعوة الداعي إذا دعان"5 ويقول سبحانه أيضا: "أدعوني أستجب لكم"6 ،فهاهو ربك أختاه يناديك فاسأليه أن يسعدك مع زوجك و في بيتك. إسأليه أن يألف بين قلبيكما وأن يفرج همكما وأن يطرد الشيطان الرجيم من حولكما وأن يغدق عليكما من رحماته وفيوضاته وأنواره سبحانه عز وجل.
إسأليه وألحي في الطلب والرجاء فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا دعا دعا ثلاثا واذا سأل الله سأل ثلاثا.7
ولاتنسي أن صدق الطلب هو جوهر ولب الدعاء و "إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يوتكم خيرا"8.
داومي على طرق باب الله تعالى وتذكري قوله سبحانه "أمن يجيب المضطر إذا دعاه "9 ،فلن يجيبك سواه سبحانه ولن يسمع شكواك وتضرعك غيره ،فاطرقي باب الله ثم اطرقي ،ثم اطرقي حتى يفتح لك ويستجيب دعاءك فهو حنان منان كريم جواد سبحانه . ا 2) التزين التجمل :
اعتني بنفسك و ذاتك، اعتني بمظهرك و مخبرك، اعتني بجمالك، تزيني و تجملي لمن تحبين: لزوجك لا لغيره. عادة نساء هذا الزمان أنهن لا يتجملن إلا حين يخرجن من بيوتهن، وأنت –أختاه-ابنة الإسلام و ابنة العدل و الإحسان فرض عليك وواجب أن تحيي سنة نبيك ف"من أحيى سنتي عند فساد أمتي فله أجر مائة شهيد " و سنة نبيك تقول:" حسن تبعُّل المرأة لزوجها وطلبها مرضاته ، واتـبـاعـهـا موافقته يعدل ذلك كله".
ونظرا لأهمية الحديث أسوقه لك بتمامه و كماله : أتت أسماء بنت يزيدالنبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بين أصحابه فقالت : بأبي وأمي أنت يــا رســول الله ، أنا وافدة النساء إليك ، إن الله - عز وجل - بعثك إلى الرجال والنساء كافةً، فآمـنــا بـك وبإلهك وإنا - معشر النساء - محصورات مقصورات ، قواعد بيوتكم ، ومقضى شهواتكم ، وحـامــلات أولادكم ، وإنكم- معشر الرجال - فُضلتم علينا بالجُمع والجماعات ، وعيادة المرضى،وشـهـود الجنائز، والحج بعد الحج، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله - عز وجل - وإن الـرجــل إذا خــرج حـاجـاً أو معتمراً أو مجاهداً، حفظنا لكم أموالكم وغزلنا أثوابكم ، وربينا لكم أولادكم ، أفما نشـاركـكـم الأجر والثواب ؟!
فـالـتـفـت الـنـبـي إلى أصحابه بوجهه كله ثم قال : هل سمعتم مقالة امرأة قط أحسن من مساءلتها في أمر ديـنـهـا مــن هـذه ؟ فقالوا: يا رسول الله ما ظننا أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا.
فالتفت النبي إليها فقال: افهمـي أيتها المرأة وأَعلِمي مَن خلفك من النساء أن حسن تبعُّل المرأة لزوجها (أي حُسن مصاحبتها له ) وطلبها مرضاته ، واتـبـاعـهـا موافقته يعدل ذلك كله ، فانصرفت المرأة وهي تهلل.10
فتجملي له –أختاه- و تزيني: عيناك، شفتاك، شعرك، لباسك... و أنت العليمة الخبيرة بهذا أختي الحبيبة.
ولا تنسي أخيرا أن هناك ألوانا خاصة من اللباس يحبها و يهواها الرجل كالأحمر والوردي...
3) المداعبة و الملاعبة :
كوني معه كما أوصاك حبيبي و حبيبك عليه الصلاة و السلام: "هلا بكرا تلاعبها وتلاعبك"
و "تعضها و تعضك" و "تداعبها و تداعبك".11 على اختلاف الروايات.
ما أجمل ما ينطق به الحبيب صلى الله عليه و سلم وما أروع توجيهاته و نصائحه وما أنفس كلامه صلى الله عليه و سلم .
تأملي جيدا ما نطق به المعصوم صلى الله عليه و سلم واقرئي ما خفي بين هذه الألفاظ
و الكلمات :" تلاعبها و تلاعبك" و "تعضها و تعضك" و "تداعبها وتداعبك".
واسمعي مني ما استنبطت من هذا الكلام النفيس : استقبليه دائما كما يستقبل الغريب العائد إلى بيته بعد طول غياب، بشوشة و ضحوكة، على محياك علامات و أمارات الفرح و السرور
و السعادة و...
أتقني فن اللعب و المرح و أدخلي على بيتك و حياتك سعادة لا نظير لها بكثرة بسطك ومرحك. وإياك و الجفاء و الجفاف، فهذا ليس خلق نبينا عليه أفضل الصلاة و أزكى السلام.
4) التطيب :
احذري أن يشم فيك أو في لباسك أو حتى في بيتك ما يكرهه كرائحة البصل و الثوم و العرق و... عطري نفسك و لباسك و بيتك بما يليق بك وأنت الأخت المؤمنة والزوجة الصالحة المحبة لزوجها المتقربة إلى الله تعالى بكل صغيرة وكبيرة. فكم من عمل صغير بسيط تعظمه النية.و كم من عمل كبير تصغره النية كما يقول أهل الله.
و الحمد لله كثيرا –أختاه- إذ تعيشين في زمان و مكان كثرت فيه وسائل التطيب والتجمل و التطهر ، فما عليك الا أن تجددي النية و تتقربي الى الله تعالى بتطيبك وتجملك و تطهرك لزوجك . ولقد حرم الله عز وجل أن تخرج المرأة من بيتها مستعطرة لكي لاتجذب إنتباه الرجال أو تفتنهم، فمن الواجب عليك ألا يكون لك هم-بعد هم الله تعالى و هم أمتك- إلا أن تكوني مغناطيسا تجذبين زوجك اليك وتحصنينه عن الوقوع في الفتن .فالمرأة التي يدخل عليها زوجها بعد عناء و تعب العمل بالنهار فيجدها مبتذلة قد أهملت نفسها أو تفوح منها رائحة المطبخ ،فإنها تهدم ولا تبني ،تشتت ولا تجمع،تبعد ولا تقرب،تفتن ولا تحصن وعواقب ذالك خطيرة فاحذري ثم احذري !
"خير النساء من اذا نظرت اليها سرتك"كما قال الناصح الأمين عليه أفضل الصلاة و أزكى السلام.
5) التجديد و الإبداع:
راقبي محط نظره من بيتك فهو يحب التجديد في كل شيء، ضعي الورد مكانه وضعي الصور اللائقة الجذابة في مكانها...غيري مظهر بيت الزوجية الداخلي من حين لآخر، و أوقدي الشموع بدل الأضواء مرة و مرة... المهم كوني مبدعة و سطري على كلمة مبدعة ألف ألف سطر.
وقد تجد المرأة-وهذا كثيرللأسف-لا تحب التجديد و الإبداع،بل ولاتعطي له أهمية ولاقيمة وتريد أن تعيش حياة بدائية كما ورثتها عن الاباء والأجداد ولكن الزمان غير الزمان والمكان غير المكان والواقع غير الواقع، فالرجل في وقتنا الحاضر يرى ويسمع ويشاهد في الشوارع والأسواق و الفضائيات وعبر شبكة الانترنت مايفطر قلبه ويحطم فؤاده ويزلزل كيانه ،فكيف لا تقفي بجنبه وتسعديه بإبداعاتك وأفكارك وإهتماماتك.
إن لم تفعلي –أختاه-فإني أعزيك في زوجك والسلام.
إن لم تفعلي فابك على نفسك وعلى زوجك وقولي وداعا لمعاني:السكن والمودة والرحمة والمحبة واللطف...
6) الكلمة الطيبة:
قال صلى الله عليه وسلم"الكلمة الطيبة صدقة"12 فأسمعي زوجك ما يحب و إياك أن تجرحيه بكلمةقد تكون في عينك بسيطة.
أسمعيه دائما ما يحب من الكلام العذب النقي الطاهر، "من أحب الناس إليك يا رسول الله،قال:عائشة"13.ما وجد الحرج من أن يعترف بحبه أمام الناس جميعا صلى الله عليه
و سلم.
وتأملي قول عائشة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه و سلم"اذا مررت بشجرة قد أرتع فيها وشجرة لم يرتع فيها ففي أيهما كنت ترتع بعيرك، قال:في التي لم يرتع فيها"،14 فهي رضي الله عنها شبهت نفسها بالشجرة التي لم يرتع فيها لأن النبي صلى الله عليه و سلم لم يتزوج بكرا غيرها.
وقال صلى الله عليه و سلم لعائشة رضي الله عنها يوما "إني لأعلم إذا كنت عني راضية وإذا كنت علي غضبى،أما إذاكنت عني راضية فإنك تقولين :لا ورب محمد،
وإذا كنت علي غضبى قلت:لا ورب إبراهيم؟فقالت: أجل والله ما أهجر إلا إسمك".15
فهي رضى الله عنها حتى في حالة الغضب لا تتفوه بكلمة تجرح مشاعر زوجها أو تغضبه صلى الله عليه و سلم.
وإياك ثم إياك أن تسمعي أن "الدين النصيحة"16،ثم تنصحيه –إن أخطأ- بين أهله وذويه وأقاربه،بل إختاري الوقت و المكان المناسبين لذلك ولكن إنصحيه بلطف وحب وحنان.
أشكريه على كل صغيرة و كبيرة، احمديه على حسن مظهره و أناقته و...أخبريه أنك مجنونة بحبه وأنك لا تنسينه أبدا و لو للحظة،وقولي له أنك ترينه في كل شئ وكأنه ساكن بين جفنيك وعينيك... ولا تتحرجي في ذلك،ولا تتكبري عليه.
أخبريه.. أسمعيه .. وأبدعي في الكلام و جددي في العبارات و الكلمات فلك بكل كلمة حسنة والحسنة بعشر أمثالها و الله يضاعف لمن يشاء.
عن عطاء قال :" دخلت أنا وعبيد الله بن عميرعلى عائشة رضي الله عنها ،فقال عبيد الله بن عمير:حدثينا بأعجب شيء رأيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم : فبكت وقالت : قام ليلة من اليالي- تعنى يصلى - فقال : يا عائشة، ذريني أتعبد لربي، قالت : قلت : والله إني لأحب قربك وأحب ما يسرك"17.
لا الاه الا الله محمد رسول الله [يتبع ان شاء الله]
1) الروم اية 21 2) الترمذي 3) اصحاب السنن 4) الترمذي
5) البقرة اية185 6) غافر اية60 7) مسلم
الانفال اية 70
9) النمل اية 62 10) مسلم 11) الجماعة 12) البخاري
13) البخاري 14) زاد الميعاد ص:234 15) البخاري
16) مسلم 17) ابن حبان
